فى حوار وزير الإعلام تعليقاً على ظهور مذيعة محجبة فى نشرة الأخبار أكد الوزير أنه يقبل بمذيعة تضع صليباً ولو وجدت مذيعة يهودية سيقبل بها أما مذيعة بهائية فهذا ممنوع لأنها تنتمى إلى دين غير سماوى! هذا الكلام يحتاج إلى وقفة ورد ليس دفاعاً عن البهائيين ولكن دفاعاً عن حقوق الإنسان التى لها فى مصر مجلس له حيثية ودور ومسئولية وكيان يشار إليه بالبنان، من حق أى إنسان مهما كانت عقيدته أو انتماؤه ألا يضطهد بسبب هذه العقيدة أو ذلك الانتماء، هذه هى أولى بديهيات حقوق الإنسان، لا يوجد لون أو جنس أو دين يخرج المواطن من إطار المواطنة، وقصة دين سماوى أو غير سماوى حسابها عند الله وليس عند وزير الإعلام، فليس من حقه أن يوزع صكوك غفران أو باسبورتات جنة ونار قبل يوم الحساب، ومن حق أى بوذى أو هندوسى أو شيعى أو بهائى أن يعمل فى أى عمل فهو مواطن وله كامل الحق فى ممارسة كل الأعمال ما عدا العمل كشيخ جامع!!.

إذا كان تصنيف الدين غير السماوى سيدعو المرء لمقاطعة أصحابه فلماذا سعى د. محمد مرسى، رئيس الجمهورية، إلى الصين التى تتبع بوذا وكونفوشيوس كأول محطة لمساعدة الاقتصاد المصرى الذى لم يمد له يد العون أبناء نفس الدين السماوى؟!، لماذا نستورد من تلك الدولة الكافرة كل احتياجاتنا من المفاعل النووى وأجهزة الكمبيوتر حتى سجادة الصلاة وفانوس رمضان ولا نلجأ إلى السعودية المسلمة السنية لكى نستورد منها هذه الاحتياجات؟!، وكذلك اليابان الكافرة، أدعوك كوزير إعلام لإغلاق نفق أحمد حمدى وهدم الأوبرا وغيرها من المنح والهدايا المجانية التى أهدتها لنا تلك الدولة الأرضية غير السماوية، ولو كانت مؤسسة «الأخبار» قد اتبعت منهج وزير الإعلام لكنا قد حرمنا من واحد من أعظم الفنانين التشكيليين المصريين فناً وخلقاً وهو الفنان بيكار الذى أثرى حياتنا الفنية ولم يسأل أحد وقتها هل هو بهائى أم بوذى؟.

هذه التقسيمات التى تتحدث عن العقائد والأديان بمنتهى الحسم وتوزع حصص الجنة والنار على الأرض وتحرم من لديه الكفاءة من تقلد منصب لأنه اختار ديناً معيناً أو حتى لم يختر أى دين، هذه التقسيمات غير إسلامية وغير إنسانية وغير منطقية، البحث فى نية الإنسان والدعبسة فى عقيدته والتحدث من منطلق الاستعلاء الدينى واليقين العقيدى واحتقار الآخر وعدم احترام اختياره الحر كل هذه أشياء تجاوزها الزمن وعبرتها الحضارة، والله قد خلقنا وهو يعرف أننا سنتفرق شيعاً وأحزاباً وألوان طيف متعددة ولو شاء لخلقنا مثل حبات الفاصوليا أو غربان البين نفس الشكل والملامح والدين والانتماء، والله الرحمن الرحيم لا يحتاج إلى مخلوقاته لكى تضع سياجاً لحماية كلماته، فهو بمقدرة كن فيكون قادر على أن يجعل كل الأرض مسلمين فى جزء من الثانية لكن تلك حكمته من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، ولنجعل حساب كل إنسان عنده يوم القيامة، طائره فى عنقه لا فى عنق وزير أو مسئول، كنت أتمنى من الوزير أن يضع الكفاءة فقط كمعيار للأفضلية ولكنه للأسف دشن بتصريحه محكمة تفتيش فى النوايا تقصى هذا وتعين ذاك، ولا عزاء للمواطنة.